إننا نعيش اليوم في عالم الإتصالات العالمية الفورية، إذ أن تقنيات استنساخ الوثائق لاسيما الإستنساخ
الفوتوغرافي قد أحدثت خلال الفترة الأخيرة ثورة في إمكانيات الإستنساخ السريع والسهل للمصنفات
المطبوعة، فقد انتقل العالم خلال قرن واحد من طريقة التصوير الشمسي على ألواح النحاس إلى تقنية
التلفزيون الملون، الذي مازال في تطور مستمر ويزيد من مجال التغطية بفضل الوصلات التي تربط
محطات الإذاعة بالتوابع الصناعية الارضية .
كما تهيئ آلة الفيديو المنزلية الفرصة لتسجيل البرامج التلفزيونية المذاعة تسجيلا مباشرا للإنتفاع بها
في وقت لاحق، بالإضافة إلى الاجهزة البسيطة المتوفرة للتسجيل على الاشرطة المغناطيسية، فأشرطة
الكاسيت البسيطة قد جعلت من الممكن استنساخ عدد كبير من اسطوانات الفونوغرام بسهولة. وفضلا
عن ذلك فإن تكنولوجيا الحاسب الإلكتروني قد أحدثت بعدا جديداً في عالم الإتصال وأوجدت إمكانيات
هائلة لتخزين المعارف واسترجاعها .
وإن استخدام كل هاته التقنيات لمصنفات تحميها حقوق المؤلف يؤدي إلى حدوث موجات من الصدمات
المتلاحقة في الدوائر القانونية بسبب ماتتيحه من فرص استغلال مصنفات الغير دون ترخيص، وأن
أصحاب حقوق المؤلف يبحثون عن صور جديدة من الحماية التشريعية، ولذلك تجري حاليًا مراجعة
قوانين حقوق المؤلف لمواجهة التحديات التي فرضتها التقنيات الجديدة .
وعلى هذا الأساس يتضح لنا الدور الذي تلعبه قوانين حقوق المؤلف في عالم الإتصالات الحديثة
والمعقدة فهي تشكل حجر الزاوية للنشر، والإطار القانوني الذي يجب أن تنموا في نطاقه وسائل
الإعلام في كل مكان، بالإضافة إلى الدور الأساسي لقانون حقوق المؤلف، والذي يتمثل في إضفاء
الحماية القانونية للمؤلفين وسائر مبدعي المصنفات الفكرية وكذا القائمين بنشر وإبلاغ هذه المصنفات
إلى الجمهور، كما أن حماية حقوق المؤلف إلى تشجيع الإبداع الفكري ونشره وإبلاغه للجمهور .
والجدير بالملاحظة أن حقوق المؤلف ترتبط ارتباطاً لاانفصام له بالتقادم التكنولوجي حتى إذ فرضت
التكنولوجيات الجديدة ضرورة تعديل قوانين المؤلف ولحماية أعمال المبدعين، والتعبير عنها وكذا
نقلها حتى أصبح عالم حقوق المؤلف يضم اليوم حماية أعمال مجموعة واسعة من وسائل الإتصال
بدءاً من الكتب والمجلات والأفلام إلى البث عن طريق الغذاعة والتلفزيون وكذلك البث عن طريق
الشبكات العالمية كشبكة الإنترنت .
ونظراً لهذا التطور التكنولوجي أصبحت لهذه الأعمال - أعمال المبدعين - قيمة تجارية هائلة إذ
أصبح من الضروري اليوم في عالم الأعمال مراعاة حقوق المؤلف بعناية كبيرة عند إنشاء بنى
الصناعات والأسواق .
مقتبس من محاضرات السنة الرابعة
بجامعة الجزائر 01 طلية الحقوق - بن عكنون -
للأستاذ الدكتور عمر الزاهي
أستاذ التعليم العالي، رئيس كرسي يونيسكو للملكية الفكرية
ومدير مخبر بحث في المكلية الفكرية