3)- أجال التوقيف للنظر:
لقد حدد الدستور في المادة 48 وكذا مختلف مواد قانون الإجراءات الجزائية التي تناولت إجراء التوقيف للنظر مدة التوقف للنظر وحددتها بـ 48 ساعة كحد أقصى وبعد هذه المدة فيجب إما تقديم المعني أمام وكيل الجمهورية المختص أو قاضي التحقيق أو إطلاق سراحه إذا انتهت المدة ولم يصدر أمر يفيد بتمديد التوقيف للنظر .
مع ملاحظة أن الأشخاص الذين لا توجد ضدهم دلائل لا يمكن توقيفهم غير المدة اللازمة لأخذ أقوالهم .
و يعتبر تمديد التوقيف للنظر كإجراء إستثنائي ، لذلك إذا كانت المدة القانونية غير كافية بالنسبة لضابط الشرطة القضائية فإنه يمكنه تمديد مدة التوقيف للنظر للمشتبه فيه بناءا على إذن من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق .وتجدر الإشارة الى أن المشرع وفي أخر تعديل على قانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون 06 / 22 المؤرخ في 20/12/2006 قد حدد في المادتين 51 و 65 وتحدد كالأتي .
- تمديد واحد (1) في جرائم القانون العام .
- تمديد واحد (1) في جرائم الاعتداء على أنظمة المعالجة الآلية للمعطيات .
- تمديدين (2) إذا تعلق الأمر بجرائم الاعتداء على أمن الدولة .
-03 تمديدات إذا تعلق الأمر بجرائم المخدرات أو الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية وجرائم تبيض الأموال و الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف .
- 05 تمديدات إذا تعلق الأمر بجرائم موصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية .
يمة القانونية للمحاضر
تعتبر محاضر البحث الابتدائي من الأدلة الكتابية التي تملك المحكمة كل السلطة في أن تبني قناعتها بثبوت الجريمة أو نفيها عليها لكونها محررا رسميا يتضمن وقائع وتصريحات شهد علي صحتها ضابط الشرطة القضائية محرر المحضر، لكن حجية المحاضر بما تمثله من قوة إثباتية تنقسم إلى عدة أقسام هي:
أولا: المحاضر التي تعتبر دليلا قاطعا
يقصد بالدليل القاطع الدليل الذي لا يقبل إثبات العكس ، وقد أورد المشرع الموريتاني هذا النوع من المحاضر ضمن المادة 392 إجراءات جنائية والتي تضمنت << تنظم بقوانين خاصة المواد التي تكون موضوع محاضر مثبتة ولا يمكن الطعن فيها إلا بالتزوير >>.
من خلال هذه المادة يتضح أن هذا النوع من المحاضر يعتبر حجية قانونية ، فهو قرينة قانونية قاطعة لا يمكن إثبات عكس ما تضمنته بالوسائل العادية ولا يمكن الطعن فيها إلا بالتزوير وفقا لإجراءات الطعن بالتزوير الواردة في المواد من 578 إلى 583 من الإجراءات الجنائية ومن أمثلة هذه المحاضر:
- المحاضر المنجزة من طرف الجمارك في حدود اختصاصهم وفقا للمادة 218 من قانون الجمارك الموريتاني ذي الرقم74-026 بتاريخ 26 يناير1974 وقد تضمنت المادة المذكورة ما يلي :<< للمحاضر المحررة من طرف عونين محلفين من الجمارك أو من طرف كل إدارة أخرى قوة الثبوت حتى الطعن بالتزوير في المعاينات المادية التي تروي الحادثة ...>>.
- محاضر مخالفات الصيد البري المادة6 من مدونة الصيد البحري
ولعل السبب في إعطاء هذا النوع من المحاضر الحجية القاطعة هي:
1- صعوبة الإثبات في مثل هذه الجرائم موضوع المحاضر فمن شبه المستحيل إثبات هذه الجرائم بالشهادة أو الاعتراف
2- كون هذه المحاضر تثبت المخالفات وهذه لا تشكل الخطورة التي يمثلها إثبات الجنح والجنايات وغالبا ما تقتصر عقوباتها علي الغرامات.
ثانيا: المحاضر التي تعتبر دليلا بسيطا
يقصد بالدليل البسيط الدليل الذي يقبل إثبات العكس والمحاضر المعتبرة دليلا بسيطا يوثق بمضمونها إلى أن بثبت ما يخالفه وفقا للمادة390 إجراءات جنائية والتي جاء فيها << في الحالات التي يخول القانون فيها بنص خاص سلطة معاينة الجرائم بواسطة محاضر أو تقارير لضباط أو وكلاء الشرطة القضائية والموظفين والأعوان المكلفين ببعض مهام الشرطة القضائية فإن الدليل العكس لا يمكن أن يقع إلا بواسطة الكتابة أو الشهود >>والمادة389 إجراءات جنائية تقرر أنه << باستثناء الحالات التي ينص فيها القانون علي خلاف ذلك فإن المحاضر والتقارير التي تعاين الجنح لا يمكن أن تؤخذ إلا على سبيل استئناس بسيط >>.
ولعد المقصود بالاستئناس البسيط هو الاستدلال البسيط ، بمعني آخر هو اعتبار هذه المحاضر دليلا بسيطا يوثق بمضمونه إلى أن يثبت ما يخالفه ، وهذا المعنى يؤيده نص المادة باللغة الفرنسية .
فالمحاضر التي تعاين الجنح تعتبر دليلا علي الوقائع والتصريحات التي تضمنها،لكنها ليست دليلا قاطعا وإنما هي دليل بسيط أي قابل لإثبات عكس ما تضمنه ويكون إثباته بإحدى طريقتين هما الكتابة أو الشهادة. وسنعرض ذلك في حينه.
ثالثا:المحاضر التي تعتبر مجرد معلومات
الأصل أن المحاضر التي تعاين الجنايات هي مجرد بيان أو معلومات فقيمتها إعلامية لا إثباتية وإذا كان قانون الإجراءات الجنائية لم ينص علي ذلك صراحة ، إلا أنه بإستقراء المواد المتعلقة بإقامة الأدلة أمام محكمة الجنح نجد أن المحاضر التي تعاين الجنح لا يؤخذ بها إلا علي سبيل استئناس بسيط أي استدلال بسيط أو استرشاد فيكون الأولى أن لا تأخذ المحاضر التي تعاين الجنايات إلا علي سبيل الافادة للعدالة تماما كالمحاضر المحررة من طرف عسكري الدرك والتي تعاين الجنايات ، طبقا للمادة132 من المرسوم 70-172 والتي نصت علي أنه << للمحاضر المحررة من طرف عسكري الدرك قيمة إعلامية أو إفادة للعدالة إلى أن تثبت أدلة معاكسة أثناء المعاينات ولا تصلح دليلا حتى الطعن بالتزوير إلا في الحالة الصريحة التي يخول لها القانون هذه القوة المقنعة >>
ومن جهة ثانية عندما نتتبع القسم المتعلق بتقديم الأدلة وبحثها أمام المحكمة الجنائية والمنظمة بالمواد من 293 إلى 317 إجراءات جنائية، نجد أنها لا تتحدث عن محاضر البحث الابتدائي ولا تذكر سوى إستنطاق المتهم والاستماع إلي الشهود وأداء اليمين ،وهو ما يعزز القول بان المحاضر التي تعاين الجنايات هي لمجرد الإفادة ، ومع ذلك يمكن للمحكمة أن تحكم بناء عليها متى اقتنعت بمضمونها المعزز بالقرائن والأدلة الأخرى.