الهجـرة غير الشرعية
تصنف الهجرة الخارجية حسب مشروعيتها أو قانونيتها إلى هجرة شرعية و غير شرعية. و تحدث الهجرة الشرعية بين البلدان التي لا تضع قيودا أو قوانين تمنع الهجرة و لا يتطلب الدخول إليها الحصول على تأشيرات الدخول، كما تحدث الهجرة الشرعية في الدول التي تسمح قوانينها للمهجرين بالقدوم إليها وفقا لأنظمتها و إجراءاتها و حاجتها من المهاجرين.
أما الهجرة غير الشرعية فهي التي تعني أن المهاجرين يدخلون البلاد بدون تأشيرات أو إذن دخولا مسبقا أو لاحقا، و تعاني غالبية الدول العالم من مشكلة الهجرة غير الشرعية، و خاصة الدول الصناعية و التي تتوفر فيها فرص العمل.
الفرع الأول :التعريف بمفهوم الهجرة غير شرعية.
يستخدم مفهوم الهجرة غير شرعية أو غير مشروعه بمعنى قانوني بالدرجة الأولى، و هو ينطوي على دلالة مخالفته القوانين المنظمة للهجرة و حركة الأفراد و تنقلاتهم بين الدول، ولكنه مقابل ذلك قد يكون شرعيا من الناحية الدينية أو الاجتماعية أو الثقافية، تبعا للخصوصيات التاريخية .الشباب يقدمون على الهجرة مع ما تحمله لهم من مخاطر قد تؤدي بحياتهم.
والهجرة غير الشرعية ( السرية ) كظاهرة عرفتها الحدود الدولية يقصد بها اجتياز الحدود ، وهي تتم دون موافقة سلطات الدول الجاذبـة و بدون أن تتوفـر في الشخص العابر الشروط القانونية للمرور عبر الحدود ، حيث في هذه الحالة يكون خروج الفرد من دولته الأصلية من أجل دخول الدولة الجديدة بطرق غير شرعية ، سواء من ناحية حيازة الوثائق اللازمة للسفر أو الأماكن المحددة لذلك برا ، جوا أو بحرا بغية التهرب من المراقبة الأمنية والجمركية.
ويعتبر مهاجر غـير شرعي كل من دخل بلادا أو غادرها من غير المنافذ الشرعية التي تحددها الدولة كالمطارات ، الموانئ و المنافذ البرية إما سيرا على الأقدام أو باستخدام وسائل النقل المختلفة أثناء الليل، النهار أو بحيازة وثائق سفر احتيالية :
قلدت أو عدلت بطريقة جوهرية من طرف شخص غير شرعي مؤهل قانونيا، أو سلطة مؤهلة شرعا لإصدار وثائق السفر أو الهوية باسم الدولة.
أصدرت أو تم الحصول عليها بطريقة غير شرعية سواء بالتصريح الكاذب ، الرشوة ، الإكراه أو بأية وسيلة أخرى غير شرعية .
استعملت من طرف شخص آخر غير صاحبها الشرعي.( )
و الهجرة غير شرعية أو السرية أو ما يعرف في المجتمع الجزائري بمصطلح "الحرقة" بتضخيم القاف بمعنى الإحراق من الحرق أي إحراق كل الوثائق حيث يصبح المهاجر السري بدون هوية أو "الهربة" بمعنى الهروب والتخفي أو الهدة" بمعنى اتخاذ موقف غير قابل للتراجع.
وهي المصطلحات الأكثر استعمالا لدى الشباب الجزائري و المغاربي وهي حلم يراودهم بحثا عن حياة أفضل، وسبب التسمية يعود إلى أن "الحراق" عندما يقرر السفر عبر البحر أو التسلل نحو دولة أخرى إنما يحرق وثائقه التي تربطه ببلده الأصلي بمعنى آخر يحرق ماضيه وانتمائه كله.( )
والحرقة أصبحت عنوانا لمشروع التحدي حيث أصبح مصطلحا يهتف به في مدرجات الملاعب و فضاءات الفن بل أكثر من هذا في فضاءات الحوارات الاجتماعية ومقبولا اجتماعي.
أ- :أنواع الهجرة غير شرعية:
1. الهجرة السرية من الخارج إلى الداخل:
الجزائر بحكم موقعها الجغرافي أصبحت نقطة عبور ومقصد لأفواج من الأجانب الأفارقة والمغاربة والأسيويين والعرب، وأصبحت تحتضن أعداد بل قبائل من المهاجرين يتسللون عبر الحدود مستعملين طرق و وسائل متعددة، هذه الأفواج وجدت مجالا لتحركها ومرورها بولايات الجنوب الكبير وخاصة ولاية إليزي، تمنراست) ( وأدرار.
كذلك بعض المناطق الغربية ( مغنية...) حيث أصبحت تشكل خطرا محدقا على الأمن.
2. الهجرة السرية من الداخل إلى الخارج:
يطلق هذا النوع من الهجرة غير الشرعية على جملة المهاجرين السريين الذين يتركون بلدانهم الأصلية باتجاه دول أخرى تتوفر على فرص أرحب للعيش و يدخل في هذه الطائفة المواطنون الجزائريون ، الأفارقة ، العرب و المسلمون ، للإشارة انه ليس من تكون وجهته أوروبا يستقر نهائيا بها ، حيث انه يوجد من يأخذ وجهة أخرى أكثر رخاء مثل انجلترا ، كندا و الولايات المتحدة الأمريكية .
على العموم فيما يتعلق بالهجرة السرية فهناك دول مصدرة تمثل في إفريقيا و دول العالم الثالث و عموما توجد دول عبور مثل الجزائر و دول المغرب العربي وكذا دول أخرى مستهدفة مثل فرنسا ، ايطاليا ، اسبانيا أو دول العالم المتطور .
ب- : منافذ عبور المهاجرين السريين:
1. الحدود البريــة:
مما حفز هؤلاء المهاجرين هو شساعة الحدود الجزائرية، حيث أن الحدود الجزائرية مع النيجر 1300 كلم، مالي 1280 كلم، ليبيا 1250 كلم، المغرب 1523 كلم، تونس 955، الصحراء الغربية 143 كلم وموريتانيا 520 كلم، و 1200 كلم من السواحل، وهو عامل بارز يصعب مراقبته ويشجع المهاجرين غير الشرعيين على العبور.
وما زاد في تفاقم هذه الظاهرة بداية من سنة 1990 هو تدفق أكثر من 34 جنسية افريقية وآسيوية بهدف الالتحاق بأوروبا عن طريق اسبانيا مرورا بالمملكة المغربية وبأقل حدة ايطاليا عن طريق ليبيا في سنوات تدهور المستوى الأمني وانشغال قوات الأمن بمحاربة الإرهاب، ولعل قيام اسبانيا بتسوية جماعية لكل المهاجرين حفز توالي الهجرات بأعداد غير مسبوقة من أقصى الجنوب والجنوب الغربي للجزائر وخاصة من طرف مهاجرين لم تشهدهم الجزائر من قبل لكل من: الهند، باكستان، بنغلاديش.
والجزائر بحدودها البرية الممتدة على 7.011 كلم، والبحرية 1200 كلم،هي بلد عبور للآلاف من المهاجرين الراغبين في الوصول إلى أوروبا و الواقعة بين07 دول وبمساحة تقدر ب 2.283.000 كلم.( )
2. الحدود البحرية:
بالنظر إلى الشريط الحدودي البحري الجزائري والمقدر ب 1200 كلم فإن المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر يستعملون بعض الوسائل لمحاولة التمويه في الوسط المينائي أو اللجوء إلى استعمال البحارة لمساعدتهم في الإبحار والانتقال آو الركوب عن طريق التسلق بالحبال إلى البواخر الراسية والاختفاء بداخلها، والهجرة الغير الشرعية عبر البحر هي الطريقة المفضلة للهجرة إلى الدول الغربية وهذا لقصر المسافة ومدة السفر.( )
3. الحدود الجــــوية:
الهجرة السرية عبر الحدود الجوية بالمطارات قليلة جدا إن لم تكن منعدمة حيث أن الحل الوحيد هو تزوير الوثائق، وتشديد المراقبة والحراسة على مستوى المطارات، حفاظا على سلامة المواطنين ولاسيما بعد حادثة اختطاف الطائرة الفرنسية سنة 1994
وإنشاء مديرية فرعية لأمن المطارات والموانئ ومحدودية مساحة المطارات مقارنة بالموانئ، فان عملية الهجرة عن طريق الجو تعد صعبة جدا ومستحيلة حيث يتم كشف الوثائق المزورة بالوسائل التكنولوجية الحديثة) .(
بالرغم من الجهود الجبارة المبذولة للتصدي للهجرة السرية التي نفشت بكثرة خلال السنوات الأخيرة لم تتمكن مصالح الأمن من القضاء النهائي على هذه الآفة لأن المهاجرين الغير الشرعيين يستعملون طرقا مختلفة، بمساعدة شبكات مختصة في تهريب البشر ويتوفرون على وسائل بشرية ولوجيستيكية مختصة.