• تنظيم المشرع الجزائري للمساهمة الجنائية:
نصت المادة 41 من قانون العقوبات "يعتبر فاعلا كل من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة أو حرض على ارتكاب الفعل بالهبة أو الوعد أو التهديد أو إساءة استعمال السلطة أو الولاية أو التحايل و التدليس الإجرامي".
من خلال هذا يتضح أن الفاعل طبقا للقانون الجزائري يضم 3 صور هي:
- المحرض على الجريمة.
- الفاعل المعنوي أو الفاعل بواسطة.
- المساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة.
• المحرض على الجريمة: و يقصد به كل من يخلق و يبعث فكرة الجريمة في ذهن شخص آخر فيدفعه إلى التصميم على ارتكابها و التحريض المعاقب عليه يجب أن يكون موصوفا فلا يكفي التحريض المجرد الخالي من النفوذ و يتم التحريض على الجريمة بإحدى الوسائل التالية:
الهبة، الوعد، التهديد، إساءة استعمال السلطة أو الولاية، التحايل، التدليس الإجرامي.
• الفاعل المعنوي: تنص المادة 45 ق.ع "من يحمل شخصا لا يخضع بسبب وضعه أو صفته الشخصية على ارتكاب جريمة فيعاقب بالعقوبات المقررة لها"
و مفاد هذا النص أن يلجا شخص يريد ارتكاب الجريمة بواسطة غيره، إلى غير المسؤول جنائيا لصغر في السن أو لجنون ليرتكب عنه الجريمة بحيث يسيطر عليه سيطرة تامة تجعل من المنفذ أداة في يد من يسخره و يعرف المنفذ بالفاعل المعنوي أو الفاعل بواسطة.
• الفاعل المباشر أو الأصلي: تعرف المادة 41 الفاعل الأصلي "يعتبر فاعلا كل من ساهم مساهم مباشرة في تنفيذ الجريمة
لقيام صور الفاعل الأصلي يتعين توفر ركنين الأول مادي و يتمثل في قيام الفاعل المباشر بدور رئيسي في تنفيذ الجريمة و تحقيق النتيجة إما الركن المعنوي فيتمثل في القصد الجنائي الذي يجب توافره لدى كل جاني و توقع النتيجة المباشرة.
• التفرقة بين نوعي المساهمة المباشرة و الغير مباشرة:
1) المذهب الموضوعي: تستند النظرية الموضوعية في تفرقتها بين الفاعل و الشريك على السلوك الذي يأتيه المساهم في الجريمة فتجعل من مقدار مساهمته من الناحية المادية في إحداث النتيجة الإجرامية هو المعيار المميز بينهما فكلما كان الفعل أكثر مساهمة في عملية تحقيق النتيجة كان مقترفه فاعلا و عليه فان المساهم الأصلي هو كل من يرتكب فعلا تنفيذيا للجريمة و هو الفعل الذي يقوم به الركن المادي للجريمة
2) المذهب الشخصي:تستند النظرية الشخصية في تمييزها بين الفاعل و الشريك على الجانب أو الاعتبارات الشخصية مرد هذه الاعتبارات هو الإرادة أي الاعتماد على إرادة من يساهم في الجريمة للتفرقة بينهما.
• صور الاشتراك في الجريمة:
• الاشتراك الحقيقي «المساعدة أو المعاونة": تعرف المساعدة بأنها مساعدة الفاعل و تقديم العون له لارتكاب جريمته، بتقديم الإمكانيات و الوسائل التي من شانها أن تهيئ للفاعل أو تسهل له ارتكاب جريمته و من خلال نص المادة 42 نرى أن المشرع الجزائري يعتبر المساهم شريكا في الجريمة من لم يشترك مباشرة في الجريمة، و لكنه ساعد أو عاون بكل الطرق و هي ألفاظ عامة تتسع لكل عمل يقوم به الشخص مساعدة أو معاونة و مؤازرة للفاعل في ارتكاب جريمته
• الاشتراك الحكمي:
1) الاعتياد على تقديم مسكن أو ملجأ: هذه الصورة للاشتراك في الجريمة ليست حقيقية لان الاشتراك يتطلب أن يكون سابقا على ارتكاب الجريمة أو معاصرا لها و إضفاء وصف الشريك حكما يتطلب شرطين هما: الاعتياد على تقديم مسكن أو ملجأ لجمعيات الأشرار أو احد أفرادها، و أن يعلم من يقدم المسكن أو الملجأ أو مكانا للاجتماع بما ينويه من يقدم لهم يد المساعدة من سلوك إجرامي.
2) حالات مقررة في الأحكام الخاصة: و من تطبيقاته: إضفاء وصف الشريك حكما على أشخاص لا تتوافر فيهم صفة الفاعل و لا الشريك، و الاشتراك في جمعية للأشرار.
• مسؤولية الشريك و عقابه:
• المسؤولية: إذا كان القانون الجنائي يقرر مساءلة الشريك في الجريمة مساءلة جزائية عما ارتكبه فان هذه المساءلة عن مساهمته الغير مباشرة يجب أن تتوافر فيها مجموعة شروط هي: أن يقوم الشريك بإحدى الأفعال المكونة للمساهمة المباشرة بالمساعدة أو المعاونة أو الاعتياد على تقديم مسكن لجمعيات الأشرار، و يجب أن تكون الجريمة موضوع المساهمة الجنائية قد وقعت أو على الأقل شرع في ارتكابها، يجب أيضا توافر العلاقة السببية بين فعلي المساهمة المباشرة و غير المباشرة، و يجب توافر القصد الجنائي لدى من يشترك مع غيره في ارتكاب الجريمة و يقوم هذا القصد على عنصري الإرادة و العلم
• العقاب على الاشتراك: تنص المادة 44 "يعاقب الشريك في جناية أو جنحة بالعقوبة المقررة للجناية أو الجنحة" و هذا يعني أن المشرع من جهة يقرر أن الاشتراك لا يكون إلا في الجنايات و الجنح و المعاقبة عليه وفق نصوص خاصة و لا يوجد اشتراك في المخالفات تماما و بالتالي عدم العقاب عليه.
• اثر الظروف على العقاب:
1) الظروف الشخصية: هي ظروف تتعلق بالركن المعنوي للجريمة من شانها زيادة خطورة الجريمة أو التقليل من تلك الخطورة فتدعو إلى التشديد على المتهم أو التخفيف عليه في العقاب.
الظروف الشخصية المشددة للعقاب: هي صفات شخصية تقوم في من يرتكب الجريمة
الظروف الشخصية المعفية: و تعرف بالأعذار القانونية و هي أعذار تعفي من العقاب كل شخص توافرت فيه صفة من تلك الصفات التي يحددها القانون للإعفاء من العقاب.
الظروف الشخصية المانعة من قيام المسؤولية الجزائية: و هي ظروف تمنع مساءلة من توافرت لديه جنائيا مثل حالة الجنون و فقدان الوعي.
2) الظروف الموضوعية: هي ظروف مادية يطلق عليها أيضا الظروف العينية تتصل بماديات الجريمة و يعني هذا أنها ظروف تتصل بالفعل فتغير من مدى خطورته زيادة و نقصانا
• النظريات التي قيلت في المساهمة:
• نظرية الاستعارة: تقوم نظرية الاستعارة فكرا على أن الشخص المجرة يستمد إجرامه من فعل غيره و هذا يعني أن الشريك في الجريمة يستمد الصفة الإجرامية من فعل الفاعل الأصلي فلا توجد مساهمة جنائية يعاقب عليها إذا لم يكن هناك سلوك إجرامي يعاقب عليه القانون.
• نظرية التبعية: تقوم على فكرة تبعية المساهم في الجريمة مساهمة غير مباشرة للمساهم فيها مساهمة مباشرة فيكون الأول تابعا و الثاني متبوعا فتقوم نظرية التبعية على تجريم فعل الاشتراك لذاته بشرط أن تقع الجريمة التي ساهم فيها لأنه لا يمكن تصور مساهمة في جريمة لم تقع أصلا.
• نظرية الاستقلالية: و معناه أن مسؤولية الشريك تكون مستقلة تماما عن مسؤولية الفاعل الأصلي سواء من حيث التجريم أو من حيث العقاب.
• موقف المشرع الجزائري:
1) يتأثر بنظرية التبعية في المساهمة الجنائية فيما يلي:
- النص على معاقبة الشريك في الجريمة بنفس العقوبة المقررة للجريمة جناية أو جنحة.
- النص على تأثر المساهم في الجريمة بالظروف المادية أو الموضوعية اللصيقة بالجريمة المشددة منها أو المخففة
2) و يتأثر بنظرية الاستقلالية في الأمور الآتية:
- النص على معاقبة المحرض على الجريمة بالعقوبة المقررة للجريمة المحرض عليها بغض النظر عن موقف المحرض عليها.
- النص على مسؤولية الفاعل المعنوي
- النص على استقلال كل مساهم في الجريمة بظروفه الشخصية.
- استقلالية تجريم مساهمة الأم فاعلة أو شريكة في قتل ابنها