الطلاق بين الإباحة والحظر
اختلف علماء الشريعة في حكم الطلاق فقال بعض العلماء : أن الأفصل في الطلاق الحظر
وقال جمهورهم (أغلبهم) أن الأصل فيه الإباحة .
1 - القائلون بالحظر :
وهو يرون أنه ممنوع ومحظور وضيق الشارع فيه أشد التضييق، وإنما أبيح منه قدر
الحاجة فقط وذلك عندما تشتد البغضاء بين الزوجين .
فعندما يصير بقاء النكاح مفسدة محضة وضرراً مجرداً بإلزام الزوج النفقة والسكن
وحبس المرأة مع سوء العشرة والخصومة الدائمة من غير فائدة فاقتضى ذلك الشرع
مايزيل النكاح لتزول المفسدة الحاصلة منه .
- ويستند القائلون بالحظر إلى أدلة كثيرة من القرآن الكريم والسنة النبوية منها قوله تعالى :
<< فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا >> النساء 34 .
- إذ تعتبر الآية الكريمة الطلاق بدون حاجة ظلماً للمرأة. لهذا فإنه يجب حظره .
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لاتطلقوا النساء إلا من ريبة، فإن الله لايحب الذواقين
والذواقات ) .
- فهو في نظر أصحاب هذا الإتجاه (الطلاق):
فك لرباط مقدس .
هدم لبناء قائم تنتج عنه مشكلة اجتماعية ومعضلة خطيرة تضر بالمجتمع واستقراره .
- وقد أرجع الباحثون الجزائريون أسبابه إلى :
عدم الوئام بين الزوجين .
عدم إلتزام بعض الزوجات بواجباتهن .
عدم فهمهن لحقوقهن .
بالإضافة إلى سوء الحالة الإقتصادية .
القائلون بالإباحة :
وهو جمهور الفقهاء الذين يرون أن الأصل في الطلاق الإباحة، وهذا عندما يتعذر استمرار
الحياة الزوجية جسدياً وعاطفياً وتسوء العشرة ويتجذر الخلاف ويستحكم بين الزوجين .
فالطلاق في هذه الحالة يصبح مباحاً، ليعاود كل طرف الحياة الزوجية من جديد .
- وفي هذا الصدد قال الإمام القرطبي :
( الطلاق هوحل العصمة المنعقدة بين الأزواج هو مباح غير محظور، دل على ذلك الكتاب
والسنة وإجماع الأمة. ولايوجد خبر يثبت منعه ) .
- وقال الإمام شمس الدين السرسخي - وهو من الحنفية - :
( الطلاق مباح، وإن كان مبغضاً في الأصل ).
- ويستدلون على إباحته بقوله تعالى : << لا جناح عليكم إن طلقتم النساء مالم تمسكوهن
أو تفرضوا لهن فريضة >> البقرة 236 .
- وبما رواه أنس ابن مالك : لصحابي وفقيه وراوي للحديث لأنه كان يلازم النبي صلى الله
عليه وسلم عند هجرة المسلمين، أعطته أمه للرسول ليخدمه وكان عمره 14 سنة مما جعله
يحفظ الحديث، العام الذي توفي فيه أنس ابن مالك ولد فيه مالك ابن أنس الأصبحي وهو تابعي
لم يرى الرسول صلى الله عليه وسلم طلق حفصة بنت عمر لما غضب عليها عندما أسر إليها
حديثاً فأظهرته فأتاه جبريل فقال : ( طلقت حفصة، وهي صوامة قوامة وهي زوجتك في الجنة
فراجعها ) .
- كما يستدلون بفعل الصحابة كانوا يطلقون زوجاتهم دون بيان الأسباب التي دعتهم للطلاق .
- فلم ينكر عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك، لإذ روي أن عمر بن الخطاب (طلق ام عاصم
فكان في حجر جدته، فخاصمته إلى أبي بكر فقضى أن يكون الولد مع جدته - لأن أمه تزوجت -
والنفقة على عمر بن الخطاب وقال أبو بكر : جدته أحق به ) .
- وقد أباح قانون الأسرة الجزائري الطلاق بالرغم من أنه يعد من الآثار السلبية للزواج، لأنه
يفصم العلاقة الزوجية، فذهبت المادة 47 منه في الباب الثاني إلى القول : ( تنحل الرابطة الزوجية
بالطلاق أو الوفاة ) .
كان هذا مقتطفاً من إحدى المحاضرات الملقاة أمام
طلبة السنة الرابعة 4 بكلية الحقوق جامعة المسيلة
موسم 2011-2012
للأستاذ / العربي بختي
مقياس : قانون الأســــــــرة