الطلاق كسبب من أسباب الفرقة في الشريعة الإسلامية
يعرف الطلاق في الشريعة الإسلامية بأنه حل رابطة الزواج ورفع قيد النكاح
في الحال والاستقبال وإنهاؤه باختيار الزوج بلفظ صريح أو كناية ويتم اللجوء
إلى الطلاق عند الحاجة إلى الخلاص من هذه الرابطة، وفك عقد الزواج الذي
يرفع الحرج عن الزوجين، ويحصل هذا عند تباين الطباع والأخلاق ويقع تضاد
في المقاصد وتنافر القلوب فيتعذر على النفس معاشرة شخص تبغضه ولا تستطيع
التآلف معه، لقد تمسكت الشريعة ببقاء الرابطة الزوجية واستمرار العائلة على أساس
قوامة أحد الشريكين منعاً للفوضى والإضطراب والنزاع .
وينقضي الزواج في الإسلام إما بالموت حقيقة أو حكماً وإما يتقضي بالفرقة بين الزوجين
بالطلاق البائن بينونة صغرى أو بينونة كبرى، وكذلك بإسلام زوج الكتاب وامتناعه
عن الدخول في دين الله. كما يضاف إلى أسباب انحلال الزواج خيار العيب، ففي كل تلك
الحالات تنعدم حقيقة الزواج. أما التفريق الجسماني الشائع في البلدان الغربية فلا وجود له
في التشريع الإسلامي، لأن فيه أشد الضرر على الزوجين .
أسباب الفرقة بالطلاق في الشريعة الإسلامية :
حدد العلماء أسباب الفرقة بين الزوجين وذكروا منها :
1- الردة : وهي الخروج عن الدين الإسلامي والرجوع عنه طواعية واختياراً وسواء
في ذلك اعتنق ديناً غير الإسلام أم ظل على غير دين، مما يعني أن الكفر من موانع الزواج
بما يترتب عليه من آثار سيئة على مستوى الزوجين والأطفال والمجتمع .
إذا ارتد المسلم العاقل وعرض عليه الإسلام ورفض وأصر على ارتداده ..فيقتل أو يسجن.
ويفسخ عقد زواجه في الحال.
ولا يجوز له الزواج بمسلمة أبداً.
أما إذا تاب وعاد إلى الإسلام جازت له العودة إلى زوجته مادامت في العدة.
ولاتحرم عليه تحريماً مؤقتاً أو مؤبداً .
وذهب العلماء إلى أن التفريق بين الزوجين بسبب الردة بعد الدخول لايسقط كل المهر ولا جزء منه
وكذلك الشأن إذا ارتدت الزوجة فإن :
زوجها من المسلم يفسخ في الحال .
أما إذا هداها الله وعادت إلى دينها الصحيح وهو الإسلام ورغب زوجها في إعادتها إلى عصمته
تعود إلى حياتها الزوجية بل قيل تجبر على ذلك حماية للأسرة من التشتت
ورعاية للأولاد من الضياع والحرمان
ولافرق في بقاء الزوجية في ذلك وارتداد الزوجين معًا ثم تراجعهما وعودتهما إلى الإسلام مجدداً :
فقد قال العلماء بأن زوجهما يظل قائماً بينهما ومن المقرر في الشريعة الإسلامية بأن أولاد المرتين
عن الإسلام الذين ولدوا قبل ردة آبائهم هم مسلمين تبعاً لآبائهم في الدين لكنهم لايتبعون آبائهم في الردة.
أما الذين ولدوا بعد أن يرتد آباؤهم فهم ليسوا بمسلمين لأنهم لم يولدوا من أبوين مسلمين .
الطلاق بيد الزوج :
يقع الطلاق في حكم الشرع بـ :
- فعل الزوج أصالة عن نفسه أو بيد من ينيب عنه وقددل على ذلك قول رسول الله (ص)
<< إنما الطلاق لمن أخذ بالساق >>. أي بيد الزوج الذي نجده غالباً لا يلجأ إلى الطلاق
ولا يقدم عليه إلا بعد صبر وتروي طويلين .
أما الذين يسارعون إليه لأهون الأسباب وأتفهها فهم الجهلة بأحكام الدين والحمقى .
ويقول العلماء أن السبب في جعل الطلاق بيد الرجل وليس بيد المرأة بالرغم من أن الطرفين
شريكان في إمضاء عقد الزواج يعود إلى :
- الرغبة في الحفاظ على دوام الحياة الزوجية لأنه لو وضع الطلاق بيد المرأة لغلبتها عاطفتها
وبادرت إلى التطليق عند كل خصام أو سوء تفاهم مع الزوج لما تعرف به المرأة من سرعة
تأثر بالعاطفة وعدم التروي في الأمور العامة هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن إنهاء الحياة
الزوجية بالطلاق، والنساء ناقصات عقل ودين لايستعملن عقولهن بل يستعملن قلوبهن في التفكير
يعود على الرجل الذي دفع تكاليف الزواج وتحمل تبعاته بضياع ما أنفق من مال في سبيل هذا
الزواج وبالضرر الكبير وعلى بيته وعلى أولاده الذين ينسبون إليه بأوخم العواقب، كما أنه لو
اشترط في جعل الطلاق باتفاق الزوجين فإن الزوجة حينئذ ستعاند الزوج إذا رغب في الطلاق
وتصر على بقاء الحياة الزوجية للإضرار به وخاصة إذا كانت المرأة لا لاضمير لها ولا خلق.
غير أنه يمكن القول أن الشرع نظر إلى الحياة نظرة واقعية تتناسب وطبيعة الناس فوضع الطلاق
بيد الرجل لكنه لم يتركه مطلقاً بغير قيد أو ضابط، يقوم الرجل بفصل رابط الزوجية بالكيفية التي
يريد وفي الوقت الذي يشاء بل قيد زمن إيقاعه وقد قيد عدد الطلقات بما يحمي المرأة ويصونها
فلم يتركه يسيء استعمال حقه ويتسرع فيه .
بالساق : الذي عقد ودفع المهر أي هو الزوج .
الدمعة : هي الماء الذي يبقى في العين ولاينزل لكن إذا نزل فيسمى عبرات .
ويستند بأمر بقاء الأسرة أو زوالها. لهذا يجدر القول إن هذه القيود التي وضعها الشرع تحمي
المرأة من عسف الرجل، فإذا تجاوز حدود المنطق فإن القضاء يرده إلى صوابه، ويمنعه من
الإضرار بالمرأة كزوجة أو مطلقة .
كان هذا مقتطفاً من إحدى المحاضرات التي ألقيت أمام
طلبة السنة الرابعة 4 بكلية الحقوق جامعة المسيلة
موسم 2011-2012
للأستاذ / بختي العربي